كلمة شهيد الإمارات


أنا والعَلَم إلْفانِ، صنوانِ، قرينان متلازمان. أحدنا حيث الآخر.

أبيْتُ أن يسقط مُرْغَماً من عليائه قبل شهادتي، فهبط منها طائعاً بعدها، لاحتضان جثماني، إكراماً لصنيعي واعترافاً ببطولتي وإجلالاً لتضحيتي.

والأعلام أمانات.

والعلم الإماراتي أمانة في أعناق الإماراتيين، وخير من حفظ أمانات الأعلام شهداء الإمارات.

رفعوه عالياً ليبقى شامخاً.

للشموخ العلم، للإباء العلم، للسمو العلم.

هو علم الإمارات له أكرمُ المآلات، وأسمى الفضاءات.

لذلك لا مصادفة حين ترى ذكري مقترناً بذكر العلم، صورتي ملازمة لصورته، وجودي مرافقاً لوجوده.

انظر شعار يوم الشهيد الإماراتي. وتأمل فينا جيداً، نحن رفاق العلم، جنود الوطن، الذادة عنه في أوقات المحن.

وإذا رأيتني مكفّناً بالعلم ملتفّاً به، فاعلم أني كنت له الحارس الأمين قبل استشهادي، فكان لي الحارس الوفيّ بعده.

هو جزاء الإحسان، الإحسان.

كفني هو العلم.

وهبتُه الحب فبادلني حباً بحب، وأخلصت له الولاء، فجازاني وفاء بولاء.

رفعتُ من شأنه فرفع من شأني. أكرمته فأكرمني. أجْلَلْته فأجلّني.

تضحيتي كانت بالنفس، وكرمي كان بآخر الأنفاس.

وهل أنْفسُ من النَّفْسِ وآخر الأنفاس؟

إن سطّر الشعراء بالمداد، فقد سطّرت بالدماء. وذاك أقصى الفداء.

تضحيتي أجلُّ من أن تكون سُدىً أو تذهب هباء. وفيت للوطن فوفت لي قيادته، ووفى لي شعبه.

ولك أن تُجيلَ بصرك في ِأرجاء الإمارات الوفية، حيث معالم الاعتزاز بشهدائها.

ذُدتُ عن الأهل والقربى فصار اسمي بينهم رمز المجد والفخر، وأصبح ذكري أعطر الذكر، أبد الدهر.

ولذا احتفى الوطن ببطولاتنا وتضحياتنا. انظر مآثرنا ومفاخرنا في طول البلاد وعرضها، في مكتسباتها، ومكانتها، في إنجازاتها، ونجاحاتها، في أمنها وأمانها، في رقيها وازدهارها.

وهل ثمة ما هو أجمل من ذلك وأبهى؟

لك أن تتخيلني لحظة الاستشهاد مبتسماً للموت، لأنني علمت أني أضحي لكني لا أموت.

ونعم أُقتَلُ لكني لا أموت.

أنا هو القتيل الحيّ. 

ليس لغزاً ولا هي أحجية. وليست مبالغة سينمائية ولا هي شطحة شاعرية.

انظر قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:

والله في الآي الحكيم بلاغُهُ ... أنّ الشهيد لديه حيٌّ يرزقُ

أنا هو شهيد الإمارات.